٣ أغنى رجل في المنطقة
وانتاب السيد شعورٌ بالقلق، ولكن هانس، الذي لم يلاحظ ذلك، تابع يقول: "لقد سمعت صوتاً يقول، ‘إن أغنى رجل في المنطقة سيموت الليلة.’ ثم استيقظت بعد ذلك. "وأريد أن أؤكد لك يا سيدي، أن تلك الكلمات المهيبة قد بلغت مسامعي بشكل واضح جداً، ومنذ أن سمعتها وأنا لا أستطيع نسيانها. لقد شعرت بأنه من الضرورة أن أخبرك بذلك. ربما كان ذلك تحذيراً حقيقياً."

أصبح وجه السيد شاحباً ولكنه حاول أن يخفي شعور الخوف الذي سيطر عليه وقال له: "هذا هراء! يمكنك أن تؤمن أنت بالأحلام أما أنا فلا أؤمن بها. إلى اللقاء." قال ذلك وجرى بفرسه بعيداً بينما لاحقه الرجل العجوز بنظراته وهو يصلي، "يا رب ارحم نفسه إذا كان حقاً سيموت بهذه السرعة!"

بعد حوالي ساعتين من الزمن وصل السيد إلى بيته وبسرعة اتجه إلى غرفته ليرمي بنفسه فوراً على الكنبة مستلقياً عليها وهو يشعر بالإنهاك. ثم أخذ يحدث نفسه قائلاً: "يا لي من مجنون. كيف أسمح لحديث تافه يصدر عن رجل عجوز ساذج بإزعاجي! أغنى رجل في المنطقة! طبعاً هذا هو أنا! ولكن ما هذا القول بأنني سأموت هذه الليلة! أنا لم أكن في حياتي على حالٍ أفضل مما أنا عليه اليوم. على الأقل هذا الصباح، كنت أشعر بكل الراحة؛ ولكني الآن أحس بصداع غريب، ونبضات قلبي لا تبدو طبيعية. ربما يجب عليّ أن أطلب الطبيب."

وعند المساء أقبل الطبيب. وإلى حد ما كان المزارع منفعلاً وهو يتحدث عن القلق الذي أصابه ولكنه كان يجد صعوبة في شرح أسباب هذا الانهيار. وبقي الطبيب في صحبة المزارع بضع ساعات محاولاً إبعاد الأفكار السوداء عنه. وعندما قاربت الساعة من العاشرة ليلاً قرر الرحيل، ولكن فجأة قُرع جرس البيت.
أغنى رجل في المنطقة ٤
‮"من هو الطارق في هذه الساعة من الليل يا ترى؟"  قال المزارع بقلق.

وجاء صوت الطارق يقول: "معذرة لإزعاجك يا سيدي. لقد أتيت لأخبرك أن العجوز هانس قد مات بشكل مفاجئ هذا المساء، كما جئت أرجو منك أن تقوم بالترتيبات الضرورية لأجل الجنازة."

إذن لقد صدق حلم الرجل العجوز. إن "أغنى رجل في هذه المنطقة" لم يكن مالك هذه الأراضي الواسعة الخصبة، إنما كان ذلك الرجل الخادم الفقير. إن روحه المفتداة من الخطيئة قد رحلت " مجتازة بين البوابات، مغسولة في دم الحمل."

وأنت أيها القارئ. ما هو وضعك؟ هل أنت غني في نظر الله كما كان هانس؟ هل مخلّصه هو أيضاً مخلّصك؟

‮(فَمَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُقَدِّمُ الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟)

متى26:16‬

النهاية