بحث خامس
الجهاد أسلوب غريب فى الدعوة لدين الله
سار محمد على طريقة أنبياء الكتاب العهد بمكة فى الدعوة
" بالحكمة و الموعظة الحسنة " ، و كان القرآن
يقول على لسانه " ما كنت بدعا من الرسل " .
و بالهجرة الى المدينة بدأ أسلوبا غريبا فى الدعوة لدين
الله بالجهاد ، و تشريع القتال ، ليظهر الاسلام القرآنى
على الدين كله ، و لو كره المشركون و الكافرون .
و تشريع الجهاد جعل الاسلام القرآنى دين القتال ، مهما
غلفنا هذه الشريعة الحربية فى الدين بغلافات البيئة ،
و ضرورات الحاجة ، و ملزمات الدعوة ، و شروط الشريعة .
فكل الموجبات و المفارقات تذوب فى الصورة الأخيرة لشريعة
القتال ، فى اسمها ، " براءة " و فى موضوعها
القتال العام الدائم : " براءة من الله و من رسوله
الى الذين عاهدتم من المشركين : فسيحوا فى الأرض أربعة
أشهر ، و اعلموا أنكم غير معجزى الله ، و أن الله مخزى
الكافرين ( ... ) فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين
حيث وجدتموهم " حتى يسلموا ( براءة 1 و 2 و 5 ) .
قال ابن حزم : " نسخ بهذه الآية ماية و أربع عشرة
آية ، فى ثمان و أربعين سورة ! و نقل ( الاتقان 2 : 24
) : " قال ابن العربى : كل ما فى القرآن من الصفح
عن الكفار ، و التولى و الاعراض و الكف عنهم ، منسوخ بآية
السيف " .
فآية السيف هى إذن روح القرآن ، و هدفه البعيد الحقيقى
، كما جاء فى الحديث عن الرسول : " أمرت أن أقاتل
الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله . فإذا قالوها عصموا
منى دماءهم و أموالهم ، إلا بحقها ، و حسابهم على الله
" . و يقول حديث آخر : " دينى بالسيف و مع السيف
و فى السيف " . فلا حرية بعد للانسان تجاه الاسلام
. فآية السيف تنقض مبدأه : " لا اكراه فى الدين "
. فالحديث و القرآن يجعلان الاسلام دين القتال ، فليس
له شأن فى اجتناب القوة كشأن كل دين ، و عن المؤمن ، إذ
يبيح قتل المرتد . فالإكراه فى الدين من روح الجهاد و
حرفه . |