٦٤ عقيدة الثالوث القويمة

الخطية في هذا العالم . وهكذا احتمل في كلمته المتجسدة فعل الخطية ونتيجتها كإنسان وعانى موت الجسد . وهذا يفضي بنا إلى النظر فيما إذا كان في وسعنا أن ندرك السر بجلاء .

إن المسيح جاء إلى هذا العالم مسلحا بالأسلحة الأدبية فقط ليحارب الخطية بسيف البر والروح لا بقوات طبيعية مادية . فإنه وهو في أحرج ساعة من حياته أنكر على أتباعه استخدام الأسلحة المادية وهكذا نزه نفسه عن استخدام الطريقة التي سعى به غيره لإخضاع العالم لملكوت الله لأنه رأى أنه لا يجدي في ذلك غير الأسلحة الأدبية .

ومع ذلك فإن المسلم يرى في مثل سلوك المسيح هذا ضعفا وعجزا ! وأما الإنسان الذي يدرك قيمة الأسلحة الأدبية وقوتها فإنه يقدر فعل المخلص حق قدره .

فالحرب بين المسيح والخطية كانت حربا أدبية محضة لم تستعمل فيها إلا الأسلحة الأدبية. ولو استدعى المسيح قوات السماء أو التجأ إلى معجزة على الصليب فنزل عنه أو لجأ إلى القوة المدنية ونجح في استخدامها ما كانت الحرب أدبية محضة وبعبارة أخرى أن الخطية في هذه الحالة كانت تظل في الحقيقة منتصرة ولكن

عقيدة الثالوث القويمة ٦٥

نصرة المسيح الأدبية ضربت الخطية الضربة القاضية وهكذا انفتح للإنسان باب الخلاص .

فالمسيح أذن للخطية أن تنشب أنيابها فيه وأتاح لها أن تظهر في شخصه المقدس الكامل لتظهر حقيقتها للناس وبغضها لله ورغبتها في إهلاك الجميع ولو قصر المسيح عن احتمال آثارها حتى النهاية ما انكشفت حقيقتها للعالم ولا بانت نتائجها . فلكي تظهر نتائجها للعيان لم يسعه إلا أن يحتمل تلك النتائج التي هي العقاب والموت . حينئذ فاز بالنصرة التامة فإنه بعد أن أفرغت الخطيئة كل ما في وسعها أثبت الفادي للعالم أنها لم يبق لها شوكة . ولو أنه انتصر عليها قبل أن تفرغ جام غضبها على هامته ما كانت نصرته تعتبر تامة . لأن المغلوب لا يعتبر نفسه مغلوبا إلا إذا فشل بعد استخدام كل قواه لا بعضها . ولا يخفى أن منتهى قوة الخطية هي الموت فلإتمام النصرة عليها أذن لها أن تلجأ إلى منتهى قوتها المذكورة وبعبارة أخرى أنه خضع لشوكة الخطية مدة لكي تكون غلبته عليها نهائية أبدية .

فهل مات الله إذا ؟ إن في هذا السؤال مغالطة وإيهاما . فإن الله باعتبار كونه روحا لا يموت . لأن نفس أرواحنا في حد ذاتها لا