لقد سبق الله وأعلن أنه لا يسمح أن يكون للمذبح درج " وإن صنعت لى مذبحاً من حجارة فلا تبنه منها منحوتة إذا رفعت عليها ازميلك تدنسها، ولا تصعد بدرج إلى مذبحى كيلا تنكشف عورتك عليه " ( خروج ٢٠‏:٢٥ و ٢٦ ) فلاحظوا هذا: لا مهارة لليدين فى العمل ولا تدرج خطوات للقدمين. هذا هو معنى رفع الازميل أو الصعود بدرج وباللغة الرمزية معنى ذلك " قفوا وانظروا خلاص الرب " (خروج ١٤‏:١٣ ). نعم ومذبح كهذا يتناسب كل التناسب مع لص مصلوب يستقبل الموت. وماذا كان يستطيع أن يعمل لو أن عملاً باليد أو أن خطوة بالرجل كان يتحتم عليه أن يجريها. كل ما كان مطلوباً منه هو أن يلتفت إلى الرب. لقد أتت به خطاياه وجهاً لوجه أمام حمل الله على المذبح. ونور الحياة أيقظ ضميره. والمحبة جذبت قلبه، ودون أن ينتظر يوماً واحداً حتى يتحسن أدبياً صار بالإيمان مؤهلاً للفردوس وأُعطى الضمان الإلهى من فم الرب نفسه وفى الحال.

يسأل السائل: " أليس هناك ما يسمى التقدم المسيحى أو النمو؟" نعم، وشكراً لله إنه يوجد ما يسمى التقدم والنمو، لكننا نقول ونؤكد القول إنه لا يوجد نمو فى أهليتنا للسماء ولا تدرج فى خلاصنا من الدينونة العتيدة. مكتوب " يسوع الذى ينقذنا من الغضب الآتى " (١ تسالونيكى ١‏:١٠ ) وأيضاً الذى أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته " ( كولوسى ١‏:١٣ ).

خذوا مثالاً: نفترض أن رجلاً لا يعرف السباحة وسقط فى قاع نهر عميق وجاء إنسان نبيل يشق الطريق بسرعة ويخلع ملابسه ويلقيها على الشاطئ ثم يرمى بنفسه إلى حيث الرجل الغريق يغوص ويطفو وهو يكافح الموت وينقذه من موت محقق ويخرج به سالماً ليتقبل المديح من الواقفين على جانبى النهر

وتنتهى التحيات والتشكرات وينصرف هذا وذاك كل إلى حال سبيله. وإذا برجل ثالث كان يرقب كل ما حدث يتقابل مع هذا الرجل الذى نجا من قبضة الموت ويسأله قائلاً: " هل تعرف هذا الشخص الذى أنقذ حياتك؟ " فيقول الرجل " لقد ذكر اسمه لى، ولكنى أحب أن أعرف الكثير عنه " - " هل تحب أن ألتقى معك لكى أحدثك عنه أكثر؟ إنه يتحلى بصفات عجيبة "
- من فضلك، لا تتأخر عن أن تحدثنى عنه. ليتك تأتى هذا اليوم إلى بيتى لنقضى ساعة فى المساء".

ويقضى الشخصان الساعات الطويلة حول ذلك الشخص النبيل وعطفه وخلاصه الثمين وتتكرر المقابله ويتكرر الحديث عن صفات وأخلاق ومحبة ذلك الإنسان النبيل. وبعد أيام جميلة وطويلة يعرف الرجل قدراً كبيراً من المعلومات عن شخص مخلصه أكثر كثيراً جداً مما كان يعرف عنه يوم أن عرفه أول مرة. ولكن هل بازدياد المعرفة عن الشخص المُخلص، كان هناك تدرج فى عملية الإنقاذ نفسها؟ كلا ومع ذلك كان هناك فعلاً تدرج فى المعرفة عن الشخص الذى خلصه. هناك نمو فى إدراك صفات وأخلاق هذا المخلص.

والآن لنطبق هذا المثل. لقد رأى ابن الله المبارك فى سابق علمه أنه إن لم يتداخل لمصلحتنا فلا مفر من أن نغوص فى أعماق الدينونة بسبب خطايانا. لا عيناً تشفق ولا ذراعاً تخلص. لكن المحبة فى قلبه حركته لكى يموت، وفى ملء الزمان جاء لينقذ.

جاء من ملء مجده الإلهى
إلى أعماق لجج الجلجثة
٢٠     ٢١