يأتى إلى الآب إلا بى " و " من يُقبل إلى لا أخرجه خارجاً " ( يوحنا ١٤‏:٦ ، ٦‏:٣٧ ). ومرة أخرى " تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم " ( متى ١١‏:٢٨ ) و " إن دخل بى أحد يخلص " ( يوحنا ١٠‏:٩ ) . " التفتوا إلى واخلصوا يا جميع أقاصى الأرض " ( اشعياء ٤٥‏:٢٢ ) و " كل من يدعو باسم الرب يخلص " ( رومية ١٠‏:١٣ ). فلا يخدعن أحد نفسه بأنه بفضل ما هو عليه من أدب أو خلق أو بر ذاتى أو عمل صالح ولو كان ذلك عنده كرمل البحر وكانت خطاياه قليلة ومتباعدة، انه يستطيع أن يخلص بدون المسيح. ولو توفر له كل أولئك وليس له المسيح لما كان أهلاً إلا للبحيرة المتقدة بالنار والكبريت. وخطية واحدة كافية لإدانة صاحبها - كلمة عاطلة أو فكر شرير أو عمل واحد من أعمال الذات والإرادة الساقطة فيها كل الكفاية لإبعاد صاحبها من السماء كما طردت خطية واحدة آدم من الجنة.

لا تضيعوا وقتكم الثمين فى محاولة لتحسين أنفسكم قبل الإتيان إلى المسيح بالإيمان. وحقيقة أنكم تطلبون إصلاح أنفسكم دليل على أن ماضيكم ردىء فإذا أصررتم على تحسين حالكم لتقابلوا الله على أساس من الاستحقاق فاعلموا أنه مكتوب: " والله يطلب ما قد مضى " ( جامعة ٣‏:١٥ ).

إن قلتم أنكم " أردياء جداً " فأنتم تقللون من مجد نعمة الله الفائقة وتحدون من كفاية القوة المطهرة لدم يسوع المسيح. إنه من السهل جداً على مياه المحيط أن تحمل مركباً حمولتها خمسة آلاف طناً بنفس السهولة التى تحمل بها ريشة طائرة من جناح عصفور فإذا كان الرب يطلب قلوبنا وإذا كان الذين يغفر لهم كثيراً يحبون كثيراً فلنتيقن أنه يُرحب بالأردأ بنفس الدرجة التى بها يقدر أن يخلص أشر الخطاة.

منذ سنوات قليلة مضت طُلب من صاحب هذا الكتاب أن يقوم بزيارة إحدى الشابات، كانت تعانى سكرات الموت على فراشها بدون رجاء. كانت ابنة وحيدة لأحد رجال الأعمال الأغنياء وحاولت أمها أن تبدد مخاوفها من المستقبل الأبدى. قالت لها " لماذا الخوف يا حبيبتى؟ ومع أن الصيف الماضى هو آخر صيف لك على الأرض لكننا نشهد لك أنك كنت الشابة المثالية وسط حفلات لندن الصاخبة. لقد كنت فيها كلها الشابة الطيبة الطاهرة الذهن " . وبعد محاولات مع والديها سمح لى أخيراً أن أصعد إلى غرفة مرضها. وأسرع والدها المتلهف عليها فأخرج الممرضة من حجرتها، وركع الزائر أمام السرير ومن أعماق نفسه صرخ إلى الله طالباً بركته الأبدية على أمته التى تموت، مسترحماً لأجل خلاص نفسها ثم قام وفتح الكتاب المقدس عند الأصحاح الخامس من رسالة رومية وأعاد قراءة العدد الثامن " ولكن الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا ". وهنا قالت تلك المسكينة المضطربة فى دهشة ممزوجة بالعجب " أنت لا تعرف ماذا كنت وإلا فما كنت تكلمنى عن محبة الله. إننى لا استحق الرحمة ولا رحمة لمثلى " . وهنا قال صاحب الكتاب: " يا آنستى أنا واثق من أنك إذا رأيت نفسك كما يراك الله فإنك سوف ترين نفسك أردأ عشرة آلاف مرة مما تظنين لكنك ارتكبت اليوم غلطة كبيرة جداً " . فنظر أبوها نظرة زائغة من خلال الدموع كأنه يسأل " وما هى هذه الغلطة الكبيرة جداً؟ " واستطرد كاتب هذا الكتاب قائلاً للفتاة " إننى لم أقطع هذه الأحد عشر ميلاً لكى استفهم عما إذا كنت مستحقة أن يستودعك الله بركة أم لا، بل أتيت اليوم لكى أحمل إليك خبراً مباركاً هو أن الله يعتبر ابنه الحبيب ربنا يسوع أهلاً كل الأهلية لأن تثقى فيه. هل تؤمنين بمحبته؟ إنه على هذا الإيمان تتوقف بركتك الأبدية " .

٢٨     ٢٩