وإنك لا تستطيع أن تؤمن بحاجتك وحالتك وبفاعلية الدم إلا إذا صدقت شهادة الله عن هذا العلاج الحاسم والكافى. يقول الله " كل من يؤمن يتبرر ". " يتبرر " وليس " سوف يتبرر ". لا تُحسب عليه خطاياه وشروره التى يعرفها عنه الله. والسبب هو انها حُسبت على ذلك الذى مات من أجل الخطايا وقام ثانية. هنا لا يتكلم الله عن شعور بغفران الخطايا أو عن إحساس بأنها لا تُحسب. كيف أشعر براحة من جهة خطاياى إن لم أعرف أنها غُفرت؟ وكيف أعرف أنها غُفرت إلا بكلمة يقولها الله؟ .

وعلى أساس نفس هذه الكلمة، من امتياز المؤمن أن يخطو خطوة أخرى لبركة نفسه. نفس هذه الكلمة تقول " الذين بررهم فهؤلاء مجدهم أيضاً " ( رومية ٨‏:٣٠ ). فإذا كان تصديق الله يجعلنى متأكداً من تبريرى، فإن التبرير يجعل المجد من نصيبى الأكيد الأبدى. والتبرير والتمجيد أكيدان على أساس سلطان كلام الله نفسه.

مرة شاهد كاتب هذه السطور لافتة من الصفيح ملقاة على رصيف محطة السكة الحديد، وتبين أن مكانها على الحائط الذى كانت معلقة عليه قد تساقط منه البياض المكلس. وأدرك أنه لو ثبتت اللافتة بمسامير أقوى إلى جسم الحائط نفسه لبقيت فى مكانها. لكن لأنها كانت معلقة على المكلس فقط، ولأن هذا المكلس لم يقاوم فعل الأمطار والرياح، سقط وسقطت معه اللافتة. وهذه ملحوظة نسوقها إليك أيها القارئ، لكى لا تُعلق خلاصك على شعورك وفرحك الذى تختبره اليوم، حتى إذا تبدد هذا الشعور فى اليوم التالى تبدد معه خلاصك، بل أن يرتكز خلاصك على كلمة الله الراسخة فلا يمكن أن يتزعزع.

" إلى الأبد يا رب كلمتك مثبتة فى السموات " ( مزمور ١١٩‏:٨٩ ). " وأما كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد " ( أشعياء ٤٠‏:٨ ).

يقول داود " لصقت بشهاداتك " ( مزمور ١١٩‏:٣٠ ). وإذا أنت فعلت هكذا، يثبت إيمانك ولن تخزى، لا فى هذا الزمان الحاضرولا فى المستقبل.

الصعوبة التاسعة

إن كان الله قد بذل ابنه أفلا يجب أن أقبله؟

أنا أخشى إنى بعد أن عرفت ذلك، قد أرفضه، مع أنى أعلم أنه مُخلّص يستحق كل القبول وقلبى يشتاق إلى ذلك.

حسناً . . من المؤكد أنه لا يمكن أن يحدث مثل هذا فى العلاقات الطبيعية. ولن يحدث ذلك أيضاً فى العلاقات الروحية لو أن قلوبنا كانت فى بساطة الأطفال.

ومن المؤكد أنه عندما سمعت رفقة عن اسحق من عبد ابراهيم، نبعت فى قلبها رغبة من نحو ذلك الذى حدّثها العبد عنه. أما مسألة قبولها لاسحق فأمر مفروغ منه.

كانت رغبة ابراهيم أن تكون هى من نصيب اسحق وهى

٤٢     ٤٣