لكن ماهو الفرق بين إيمان عقلى وإيمان قلبى؟ أن تؤمن به فى قلبك معناه أنك تؤمن بوعى من قلبك أن الرب يسوع هو وحده الذى يستطيع أن يوفى ديونك وبدونه تبقى هالكاً إلى الأبد. وهكذا إذا وثقت به بمجرد كلام اللسان دون أن يتمسك قلبك بالحقيقة التاريخية أنه مات من أجلك وأنه قام ثانية فإنما أنت بهذا تؤمن بلا شىء - تؤمن بلا ذبيحته الثمينة وبلا رجاء، مغلق عليك للدينونة.

تصور هذه الحقيقة قصة فرضية: امرأة ضعيفة، تسمع فى نصف الليل وقع أقدام فى المنزل. هى خافت على نفسها وعلى ولديها الصغيرين النائمين فى فراشهما، وأكبرهما فى التاسعة من عمره، فأيهما توقظه من نومه ليقابل اللصوص فى تلك الساعة؟ ولا واحد منهما كفء حتى يواجه ظرفاً كهذا. وهى تعرف أن داورية من رجال الشرطة تحرس الشارع الذى تسكنه. وبكل قوتها تفتح النافذة وبصوت عال تنادى على رجال الأمن.

هذه المرأة بدافع من شعورها بحاجتها إلى رجال الشرطة طلبتهم أولاً لأنها شعرت بعجزها عن حماية بيتها وثانياً لأنها وثقت فى رجال الشرطة لمواجهة اللصوص. هذا فعلاً ما نقرأه فى رسالة رومية أصحاح ١٠ . نقرأ فى العدد العاشر " لأن القلب يُؤمن به للبر والفم يُعترف به للخلاص " . . . وفى عدد ١٣ نقرأ " لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص " . وأيضاًَ عدد ١٤ " فكيف يدعون بمن لم يؤمنوا به وكيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به " .

إن الخبر الذى سمعته عنه يُولد الثقة فيه. ولذلك لأنى

آمنت أنه وحده يقدر أن يسدد حاجتى، دعوته ووثـقت من كلمته إنى أخلص، لأنه يقول " لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص " .

لكن لا يثق القارئ بمجرد إيمانه العقلى بل الله يريدنا أن يكون لنا إيمان فى إيماننا القلبى. ماذا ننتفع نحن إن كان لنا مجرد إيمان كلامى إن لم يكن هو الإيمان الحقيقى فى شخص يوثق به.

فى مثل المرأة التى أشرنا إليها سابقاً إن كان لها إيمان بأن جارها الذى يسكن فى البيت الملاصق لبيتها إذا هى دعته وطرقت بابه وكان هذا الجار غائباً أو لم يسمعها ولم يستيقظ. إن أقوى إيمان به لا يخلصها من اللصوص، بينما أكثر الناس خوفاً متى وثق برجل الشرطة، الذى يحرس الطريق ولا ينام يأتيه الخلاص السريع. نعم إنه لأجل هذا الغرض لا ينعس ولا ينام.

فهل تؤمن يا صديقى القارئ، أنك بلا قوة تماماً حتى أنك تعجز عن مواجهة ذنوبك وآثامك، وأن المسيح وحده بموته الكفارى، يقدر أن يخلصك. وإن الله قد وضع عليه كل الدينونة، لما وضع حياته كذبيحة خطية نيابة عنك. " جعل الذى لم يعرف خطية خطية لأجلنا ". إن الله قد أوقع عليه بالبر كل دينونة خطاياك، وإن الله أعلن كل رضاه على تلك الذبيحة المكفرة عن الخطية بأن أقامه من الأموات وتوجه بالمجد السماوى. فهل دعوته بكل مشاعرك بأنه بدون تداخله بشخصه فالهلاك حتماً من نصيبك. وأنه يريد وعلى استعداد أن يخلصك.

خذ كلمته بكل ثقة " إن كل من يدعو باسم الرب يخلص " لا تتوانى فى أن تعترف به ولا تحجب تسبيحه اللائق به من أجل خلاصه العظيم.

٥٢     ٥٣