لا يمكن أن الكنيسة تعلو وتهبط ولا حتى مرة واحدة. فالصعود والهبوط ليس فيها بل فينا نحن.

وهكذا نستخرج من هذا المثل هذه الحقيقة الروحية. فأحوال النفس المتغيرة - وهى موضوع تساؤلك - هى بعينها الإرتفاعات والإنخفاضات التى تحدث معنا، ولكنها ليست مع المسيح. فمن جهة أفكار الله من نحو استحقاق المسيح الشخصى، ومن نحو تقييمه وتقديره لذبيحة المسيح ليس فيها صعوداً وهبوطاً. كذلك مسألة قبول الله لك على هذا الأساس لا تتغير ولا تتعرض للصعود والهبوط. ليس فى الله تغيير ولا ظل دوران، إنه " هو هو أمس واليوم وإلى الأبد ". والله جعلنا مقبولين فى المحبوب ( أفسس ١‏:٦ ).

فإذا أردت أن تعرف كيف يرى الله المؤمن؟ عليك أن تدير نظرك للمسيح فإنه " كما هو ( أى المسيح ) ، هكذا نحن فى هذا العالم " ( يوحنا الأولى ٤‏:١٧ ).

كان أحد المبشرين المشهورين قد صرف سنيناً طويلة فى محاولات يائسة للوصول بالجسد إلى نوع من الكمال ولكنه بعد أن تحرر من المشغولية بذاته، قال: كنت أظن أنه لابد من بذل المحاولات الجادة لبلوغ مستوى معين من القداسة حتى أكون مقبولاً لدى الله. ولكننى الآن أرى أن المسيح هو الشخص الكامل القداسة الذى قبله الله، والذى به أصير أنا مقبولاً أيضاً لدى الله. فإذا كان سلوكى يؤثر على حقيقة قبولى أمام الله، فهذا معناه أن خطأ السلوك يجلب معه بالضرورة خطأ فى مركزى أمام الله ولكن شكراً لله فالأمرحقاً أن سلوكى ينبع من معرفة مركزى كمقبول لدى الآب، وليس أن قبولى يستند على سلوكى.

لقد دعينا قديسين، بمعنى إننا مدعوون من الله قديسين، ثم يطلب منا بعد ذلك أن نسلك فى القداسة. لقد دعينا أن ننظر إلى تلك المحبة التى أحبنا بها فدعينا أولاده، وباعتبارنا أولاد أعزاء لنسلك فى المحبة ( كورنثوس الأولى ١‏:٢ ، أفسس ٥‏:٣ ، يوحنا الأولى ٣‏:١ ، أفسس ٥‏:١ ). فإذا أردنا أن نمثل هذه الحالة نقول كأن الله أعطانا خزانة وملأها بالمال، وبعد ذلك راح يعلمنا كيف نتصرف فيما أعطاه لنا.

الصعوبة الثانية والعشرون

لعلى لم أسقط من النعمة ولكن بعد كل ذلك أهلك؟ ثم أليس هذا التعليم خطيراً فى المناداة به؟

أهلك؟ أيمكن للمؤمن الحقيقى أن يهلك؟ اسأل أى شخص قادر على الإجابة الصحيحة يقول لك: مطلقاً ! " وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد " ( يوحنا ١٠‏:٢٨ ). ألم يكن غرض الله فى رفع ابنه أن " . . كل من يؤمن به لا يهلك، بل تكون له حياة أبدية؟ " ( يوحنا ٣‏:١٦ ).

فإذا كان الراعى العظيم والصالح قد تعهد فى كلمته المقدسة أنه لن يهلك خروف من خرافه ( أما غير المؤمن فليس من خرافه ( يوحنا ١٠‏:٢٦ )، فلماذا لا نكرم كلمته المباركة فنجد فيها التعزية لنفوسنا القلقة والتى تمنحنا مثل هذا اليقين؟ لا، بل أكثرمن ذلك، فالقول بالهلاك يعتبر افتراء وطعناً فى أمانته! إنه شىء مرعب حقاً المناداه بهلاك المؤمنين.

٧٠     ٧١