٤  

 

 

  ٥

هذه المجموعة الجديدة

يسعدني ويشرفني أن أقدم لكتاب صديقي العزيز ، الأب سمير خليل اليسوعي ، عن يحيى بن عدي ، بكلمة مقتضبة أعرض فيها على النخبة المثقفة من أبناء العروبة ومن المستشرقين ، الغاية التي نتوخاها من نشر هذه المجموعة الجديدة ، وقد أطلقنا عليها اسم "التراث العربي المسيحي" ، والأساليب العلمية التي ننوي العمل بموجبها والسير عليها .

قد يتساءل البعض من المستشرقين ، بل من العرب أنفسهم : هل للمسيحيين العرب من إنتاج أدبي وعلمي مميز ، أم يجب الأخذ بالقول المأثور : "أبت العربية أن تتنصر ..."

الواقع هو أن قبائل عربية برمتها ، في شبه الجزيرة العربية وفي سوريا ولبنان وفلسطين والأردن والعراق ، كانت قد تنصرت منذ ما قبل الاسلام ، كما أن الكتابة العربية بوجه التخصيص مدينة في نشأتها للمسيحيين العرب .

وبعد الاسلام والفتح العربي ، تأقلمت الجماعات المسيحية المختلفة في المشرق ، وحتى في الاندلس ، مع البيئة الثقافية الجديدة ، فاستعربت بسرعة غريبة ، وأغنت الثقافة العربية بما نقلته عن تراثها القديم : اليوناني منه والسرياني والقبطي ، وحتى اللاتيني . ثم أقدم أبناؤها على التعمق في ما نقلوه وعلى تطويره .

فالمسيحيون إذا ليسوا غرباء عن الثقافة العربية أو دخلاء عليها ، بل هم ، إذا جاز هذا التعبير ، حجر زاويتها ، وهمزة الوصل بينها وبين ثقافة العالم المشرقي القديم . فقد اسهموا في نشأتها وتطويرها وانتشارها إسهاما لا ينكره إلا الجاهل أو المغرض .

إن البعض من هؤلاء المؤلفين العرب المسيحيين معروف لدى العرب والمستشرقين ، من مثل حنين بن اسحق (المتوفي سنة 873) ، وهو أكبر