وفى ضوء هذه الإعتبارات، أراد الكاتب أن يقدم العون لنفوس كثيرة بهذه الصفحات التى يضعها أمامهم. وصلاته أن يختبروا من ورائها البركة، وألا تكون عثرة لأحد. ويا لها من تعزية " انه أشبع نفساً مشتهية وملأ نفساً جائعة خبزاً" (مز ١٠٧‏:٩‏).

قلق النفس

فى العالم كله، لا يوجد تعب أو قلق يعادل قلق النفس. وعذابات ضمير يشعر بالذنب من يحتملها؟ " وأما الروح المكسورة فمن يحملها؟ * " ( أمثال ١٨‏:١٤).

وأى كرب لنفس هالكة سائرة نحو الأبدية! فإذا استيقظت تلك النفس فى هذا الزمان على حالتها فأى مرارة اكتشاف لهذه الحقيقة، على الرغم أن الهوة الرهيبة لم تثبت نهائياً و المصير الأبدى لم يتقرر فعلاً ولم يختم بعد.

هب أن إنساناً تيقظ ضميره إلى هذه الحقيقة وهى أن نهاية حياة الشر هى جهنم، وأن هذه الحياة هى حياته التى يبعثرها بإسراف. وهب أن روح الله أيقظ ذهنه ليشعر بأن الدقة التالية من دقات قلبه، وأن النبضة التالية من نبضات عروقه هى الدقة الأخيرة والنبضة الأخيرة، وأن الله، الذى إليه أخطأ كثيراً بإرادة معاندة، هو الذى يمسك بأنفاسه فى قبضته القوية - هب أن هذا حدث، فهل نعجب إذا ارتمى هذا الشخص على فراشه، بدون عشاء، يترقب هزع الليل ساهراً خائفاً يتقلب مرتعشاً ويئن باكياً ويسترحم الله بكل الدموع ؟ .


* " أما الروح المنسحقة فمن يتحملها ؟ " ( كتاب الحياة ).
١٠     ١١