إن الدينونة الأبدية أو الخلاص الأبدى للنفس ليس من الأمور الهينة وكيف يستريح هذا الشخص قبل أن يُسّوى مشكلة مصيره الأبدى؟ إنه بكل معانى العدالة يستحق اللعنة ولكنه بكل معانى الاسترحام يرجو الخلاص. إنه يرجو ما ليس له حق فيه ومع ذلك يظل يرجوه. يقف أمامه " الحق" بنوره الكاشف ليُريه مصيره المحتوم كما يُريه ماضيه الذى لا سبيل لإنكاره. مصيره وماضيه يظهران واضحين كاملين مكشوفين. كما تقف " النعمة " شاهدة له بأنه رغم كل الشر الذى عاشه، وعلى حساب استحقاقات شخص آخر – الرب يسوع المسيح – يمكن أن تكون البركة الأبدية من نصيبه.

يا لهول المعركة التى فى داخله وما أرهبها ولن تهدأ حتى ينال الغفران والسلام، وحتى تتحقق النفس نصيبها الأبدى بكل يقين بعيداً عن كل شك.

هناك أيضاً عامل هام جداً فى هذه المعركة الرهيبة القاسية. هناك الشيطان بهمساته بخداعه بأكاذيبه بهجماته وبكل حيلة يتحرك ويحرك أشياء كثيرة. كان ساكتاً لأنه كان قادراً أن يحفظ غنائمة فى حوزته، لكنه الآن يستخدم كل سهامه وأسلحته لكى يُفسِد، إن أمكن مقاصد النعمة، وإلا ضاع منه هذا العبد الذى طالما أطاعه، وصار شاهداً لقيمة دم الفادى الذى يُطهِر من كل خطية ولقوته المُخَلـّصة إلى التمام.

مرة يهمس هذا العدو: " إنك لا يمكن أن تهلك لأنه فيك من الصلاح ما لا يمكن معه أن تهلك ". ثم مرة أخرى يهاجم بالقول " لو خلص العالم كله لما خلصت أنت بسبب كثرة معاصيك. الأفضل لك أن تنتظر حتى تبيَّـض صفحتك ". ولقد صدق من قال " إن ساعة الشيطان بصفة دائمة إما تتقدم مسرعة أو تتأخر متباطئة " إنه فى خداعه الخطير يقول " أمامك وقت

طويل لتفكر فى أمور آخرتك" أو يقول " الله حريص جداً فلا يبعثر رحمته حتى تصل إلى خاطئ مثلك. كفى لقد فاتك القطار".

صعوبات أمام النفس

الصعوبة الأولى

" كيف أنجو من عقوبة خطاياى إذا كان الله باراً وأنا خاطئاً ؟ "

هذا سؤال قديم كقدم سفر أيوب " كيف يتبرر الإنسان عند الله ؟ " ( أيوب ٢٥‏:٤ ). هو سؤال يمس كل أساسات السلام القلبى وراحة الضمير. فإن الله لا يمكن أن يتنكر لقداسته أو لصفة عدالته. إن الخطية بدخولها بواسطة الإنسان جعلت الله يأخذ مكان القاضى الديان. وكما أن الله عادل هكذا يتحتم أن تأخذ الخطية عقوبتها الكاملة. والناس يرون بحسب عواطفهم محبة الله وينسون أنه عادل. أما الله فإنه حين يفتح باب السماء أمام إنسان خاطئ على أساس عمل المسيح، يكون باراً وعادلاً تماماً كما يكون باراً وعادلاً حين يرسل الخاطئ إلى أعماق الجحيم على أساس أعماله. ولما رفع الله الإنسان يسوع المسيح وأجلسه عن يمينه فى المجد فقد أعلن الله بذلك العمل بره ( أى عدالته ). وعندما يرسل الشيطان حياً مقيداً إلى مصيره الأبدى فى بحيرة النار فهذا سيكون وفقاً لبره أو عدالته عينها. صحيح أنه يتعذر على البعض أن يدركوا جيداً أنه إذا أعطى الله خلاصاً لخاطئ يكون فى ذلك باراً تماماً كما يجلس المسيح فى بهاء المجد السماوى أو عندما يطرح الشيطان إلى ظلمة الدينونة الأبدية.

١٢     ١٣