ما أرهبه أمراً ولكن ما أعذبه وما أحلاه. يجذب قلب الخاطئ ويهدئ ضميره المتعب ويملأه سلاماً فيفيض شكراً وتسبيحاً. وأى دليل أقوى وأعظم من هذا على أن كل خطايا المؤمنين بيسوع المسيح قد سويت بالعدل ودينت دون محاباة فى شخص بديلهم المعبود؟ والآن يمكن لله أن " يكون باراً ويبرر من هو من الإيمان بيسوع " ( رومية ٣‏:٢٦ ). هل يتبررون لأن شيئاً من الخطايا لا ينسب إليهم؟ كلا. بل هم يتبررون بالدم الكريم الذى واجه مرة واحدة كل اتهام يمكن لله أن يوجهه إليهم.

وهكذا ترون أن خطايا المؤمن لم تفلت من الدينونة. والإنجيل لا يخبرنا عن إله تتغاضى محبته عن الخطايا، بل عن إله يحب الخطاة ومحبته لهم ظهرت فى مواجهة مطاليب عدله ضد خطاياهم واحتمال العقوبة بكل هديرها وعجيجها.

الصعوبة الثانية

" أريد أن أفعل الحسنى فأجد الشر حاضراً عندى "

من حال إلى حال أردأ - هذه صعوبة أخرى أمام النفس. ربما لا توجد غلطة أكثر شيوعاً من افتراض أن الخلاص معناه تحسن مستمر فى حياة المؤمن الأدبية ونمو تدريجى من حسن إلى أحسن إلى أن يصبح المؤمن فى النهاية مؤهلاً لحضرة الله وجاهزاً للسماء.

لكن الكتاب المقدس بصريح اللفظ يُعرفنا أن الخلاص هو بالإيمان بعمل المسيح وحده - بالعمل الذى تم وأكمل مرة واحدة وإلى الأبد على الصليب. يعرفنا الكتاب أن بطرس " امتلأ

من الروح القدس " لما جاهر أمام حكام وشيوخ اسرائيل قائلاً " ليس بأحد غيره الخلاص لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أُعطى بين الناس به ينبغى أن نخلص " ( أعمال ٤‏:١٢ ).

وليس أكثر وضوحاً من أن الكتاب لا يستحضر أمامنا الروح القدس كمُخلص لنا، لأن الروح القدس لم يتجسد ويموت لأجلنا. وإن كان المسيح بروح أزلى قدم نفسه لله بلا عيب ( عبرانيين ٩‏:١٤ ) إنه بعمل الروح القدس فى نفوسنا شعرنا بحاجتنا إلى المسيح وإلى ذبيحته. وبالروح القدس تتيقظ النفس إلى ما صنعه المسيح لأجلها. لكن عمل الروح القدس فينا ليس هو أساس السلام. " إذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح " ذلك لأنه هو " الذى أُسلم لأجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا " ( رومية ٤‏:٢٥ ). خذوا هذا المثال فى كلمة " عطش " التى تستعمل كثيراً فى الكتاب للتعبير عن حاجة الإنسان الخاطئ المسكين. يقول الكتاب " وقف يسوع ونادى قائلاً " إن عطش أحد فليُقبل إلى ويشرب " ( يوحنا ٧‏:٣٧ ). فالطفل يدرك، إن طلبنا أن نتعلم من الأطفال، أن العطش شىء يتولد فى داخلنا. فإذا أردنا الإرتواء كان ذلك بمدد يأتى من خارجنا ويحصل الإرتواء فعلاً بدخول هذا المدد إلى داخلنا ليطفئ العطش.

فإذا ما قُبلت شهادة كلمة الله عن موت المسيح وذلك بالإيمان، فى نفس الخاطئ المتعب الضمير، فالنتيجة سلام فى القلب. أنا فى خطاياى كنت استحق الموت والدينونة. لكن شهادة كلمة الله تقول أن المسيح قد شرب كأس الدينونة ومات بدلى. كانت خطاياى بلا عدد. لكن الله الذى يعرفها جميعها وضعها كلها على ابنه الحبيب بديلى وعليه وقعت دينونتها

١٠     ١١