كم هى بسيطة ومشجعة ومفعمة بالمحبة تلك الدعوة فى الختام للعطاش فى نهاية صفحات الوحى

" أنا أعطى "
" ليأخذ "
- " بحرية "
- " بحرية "

إن التوبة هى أن نحكم على أنفسنا وما فعلناه فى ضوء من هو الله. إنها ثمرة عمل نعمة الله فينا. إذا زلت قدمى مسافر فى مستنقع قذر فى نصف الليل فربما على ضوء القمر من وراء السحب قد يرى قليلاً من حالة اتساخه، ولكن عندما يشرق نور الصباح تدريجياً تزداد معرفته بأكثر وضوح لحالته الحقيقية. كذلك الخاطى فإنه يأتى إلى التوبة بنور من الأعالى، وكلما سار مع الله كلما اقترب إلى نور النهار الكامل، وكلما تعمق احساسه بعدم استحقاقه. ولكن لا يمكنه أن يقول أن توبته غير كافية أو أن احساسه بعدم الاستحقاق غير عميق، بل يستطيع أن يقول كلما أتيت إليه كلما اكتشفت رداءتى وحاجتى إلى مخلص، وهكذا يزداد تقديرى للنعمة التى تهتم بخاطئ مثلى.

الصعوبة التاسعة عشر

إننى مرتبك إذ ليس فى امكانى أن أحدد بالضبط يوم تجديدى

هذه نقطة بسيطة إذا قورنت بحقيقة رجوعك إلى الله

وتركك للشرور القديمة وثقتك بالمسيح وسعيك لخدمته. لاحظ هذه النقطة أن بولس لم يقل، عندما كتب لابنه تيموثاوس، إنى عالم متى آمنت ( مع أنه كان يعلم ساعة إيمانه فعلاً )، لكنه يقول " إنى عالم بمن آمنت " تماماً كما أقول لا أعلم بالضبط ساعة استيقاظى هذا الصباح، ولا الشىء الذى أيقظنى، لكننى أعلم إننى استيقظت. أن الله لا يريدنا أن نؤمن بتجديدنا بل بالمسيح. " الريح تهب حيث تشاء، وتسمع صوتها، ولكنك لا تعلم من أين تأتى ولا إلى أين تذهب. هكذا كل من ولد من الروح " ( يوحنا ٣‏:٨ ). وعندما يبدأ الروح عمله فى النفس، فإنه لا يشغلنى بعمله بل احتياجى لعمل المسيح. إننى انطرح أمام الله كخاطئ تائب. ورغبتى الحارة الوحيدة أن أمتلك المسيح، مع علمى برداءتى التى أخشى منها ألا يمتلكنى هو. إننى لم أحلم يوماً بأننى سأتمتع بثمر عمل نعمته فى نفسى. ولقد ظننت عن جهل بأن تاريخ البركة بدأ من يوم أن وجدت المسيح ووثقت فى دمه ونلت السلام، ولكن عمل النعمة بدأ من اليوم الذى كان الروح يعمل فى ليحول قلبى واتجاهاتى لطلب الرب. وفى مثل الابن الضال، بدأ العمل عندما " رجع إلى نفسه " وهو فى الكورة البعيدة ليقول: " أقوم وأذهب إلى أبى "، وليس فى اللحظة التى فيها وقع الآب على عنقه ليقبله. فالتجديد يبدأ من اللحظة التى تعطش فيها نفوسنا وليست اللحظة التى ترتوى فيها.

٦٤     ٦٥