و قال ابن أبى الاصبع ( 1 ) : "
لابد لكل رسول من الاتيان بخارق قرين دعوى النبوة ، ليتحدى به من بعث إليهم ليكون علامة صدقه " . فلا صحة
لنبوة بدون معجزة .
و ترى من هذا التحليل ما أوجزه السيوطى ،خاتمة المحققين
القدماء فى أركان المعجزة
الثلاثة ،وفى ضرورتها :أمر خارق للعادة ،مقرون بالتحدى
،سالم عن المعارضة.و قد قسم
المعجزة الى نوعين :المعجزة الحسية ،والمعجزة العقلية أو
اللغوية أى الأعجاز. فقال ( 2 ) :
المعجزة "إما حسية و إما عقلية . و أكثر معجزات بنى
إسرائيل كانت حسية لبلادتهم و قلة
بصيرتهم . و أكثر معجزات هذه الإمة عقلية لفرط ذكائهم و
كمال افهامهم ، و لأن هذه
الشريعة لما كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة
خصت بالمعجزة العقلية الباقية
ليراها ذوو البصائر " .
فإجماع العلماء قديما على أن القرآن وحده معجزة محمد :
لذلك ، فى باب معجزة النبى
العربى اقتصروا على كتب الاعجاز . و هذا اقرار منهم بأنه
ليس لمحمد معجزة حسية تشهد
له ، كما سنرى ذلك من القرآن نفسه .
و الفريق الثالث من الأقدمين ، المعتزلة ، ما فتئوا يرددن
" بأن الله لم يجعل القرآن دليل
النبوة " ! و سنرى بأن القرآن الذى يصرح باعجازه لم يجعل
اعجازه برهان النبوة .
فموجز تاريخ الكلام قديما فى معجزة محمد ان علماء الكلام
المسلمين أجمعوا على
ضرورة المعجزة لصحة النبوة ، لكنهم استنكروا ان معجزة حسية
تشهد للنبى العربى ،
و اقتصروا معجزته على اعجاز القرآن . فأنكر المعتزلة كون
القرآن معجزة تشهد لمحمد ، مع
قولهم باعجاز القرآن .
2 – و حديثا يفترق المسلمون ثلاث فرق فى تقدير معجزة محمد
: فئة التقليديين الذين
لم يزالوا غائصين فى رواسب الماضى ، و فئة العلماء الذين
يجعلون القرآن وحده معجزة
محمد ، و فئة المتحررين الذين ينادون بأنه لا ضرورة
للمعجزة لصحة النبوة .
من أغرب ما قرأنا للتقليديين فى " معجزة النبى " مقالا فى
مجلة ( الفكر الإسلامى
ص 36 ) التى تصدرها دار الفتوى فى بيروت ، عدد ايلول سنة
1970 ، جاء فيه " أما
معجزة نبينا صلعم فقد كانت ذا شعب ثلاث : |